]
خصائص الفن الاسلامي
وسيلة تعرفنا على الفن الاسلامي ، هي الوقوف على خصائصة الذاتية ، وسماته المتميزة ومن خلال ذالك ، يمكننا استكمال صورته واضحة جلية، بعيد عن كل غبش أو التباس.
ونستطيع اجمال أهم هذه الخصائص بالنقاط التالية:
- يقوم هذا الفن على أساس عقيدة التوحيد ، وعلى تصور كامل للانسان والكون والحياة ، ولذا فلا مجال للباطل من وثنيات وخرافات واوهام وأساطير.
- ميدان الفن الاسلامي لس هو (الضروريات) ولا (الحاجيات) بل هو مجال (التحسينات) أو مايطلق على اسم (الكماليات).
وهذا التحديد لمكانة الفن ضروري ومهم ، حتى توضع الامور في نصابها وحتى لا يحصل خلل في التصور.
- ان وظيفة الفن هي صنع (الجمال) وحين يبتعد الفن عن أداء هذه الوظيفة ، فان حيئذ لا يسمى (فنا) ذلك أنه تخلى عن عملة الاصيل وقد نسميه (مهارات) أو (دقه)..
يقول الاستاذ محمد قطب :
"والفن الاسلامي موكل (بالجمال).. يتتبعه في كل شى ، وكل معنى في هذا الوجود.
الجمال بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حدود الحس ، ولا ينحصر في قلب محدود.
جمال الكون بنجومه وشموسه وما بينها من تجاذب وارتباط.
وجمال الطبيعة بما فية من جبال وأنهار وأضواء وظلال وجوامد واحياء.
وجمال القيم والاوضاع والنظام و الافكار والتنظيمات.
كل ذلك الوان من الجمال يحتفي بها الفن الاسلامي ، ويجعلها مادة أصلية للتعبير.
بل هو يعرض الحياه كلها من خلال المعايير الجمالية، سواء بالسلب أو الايجاب".
- والفن في التصور الاسلامي (وسيلة) لاغاية ، والوسيلة تشرف بشرف الغاية التى تؤدي اليها ، ولذا فليس الفن للفن ،انما الفن في خدمة الحق والفضيلة والعدالة .. وفي سبيل الخير والجمال .
5_ وللفن في التصور الاسلامي (غاية وهدف) اذ كان امر يخلو من ذلك فهو عبث وباطل ، والفن الاسلامي فوق العبث والباطل ، فحياة الانسان ووقته أثمن من أن يكون طعمة للعبث الذي لا طائل تحته.
- ان الغاية التي يهدف الفن الاسلامي الى تحقيقها ، هي ايصال الجمال الى حس المشاهد (المتلقي)، وهي ارتقاء به نحو الاسمى والاعلى والاحسن .. اي نحو الاجمل ، فهي الاتجاه نحو السمو في المشاعر والتطبيق والانتاج ، ورفض للهبوط.
- وكما أن للفن هدفا يسعى اليه ، فان له ايضا (باعثا) يدفع اليه ، هذا الباعث يغذيه جذران . جذر يمتد في اعماق النفس ، اذ من فطرة النفس البشير السعي الى الجمال .. وجذر اخر يغذيه المنهج الاسلامي الذي يهدف الى الجمال .. وهكذا يلتقي ما تصبو اليه النفس مع ماطلبه المنهج.. فاذا الانسان مدفوع الى تحقيق الجمال بفنه بباعث من رغبه النفس وباعث من امر الشرع باتقان العمل واحسانه.
- وللفن شخصيته المستقله ،فليس هو فرعا من الفلسفة ، أوفرع من فروع العلم - وان كان العلم هو بعض مايحتاجة الفنان - ولذا فليس من مهارات الفن البحث عن (الحقيقة) او الكشف عنها. وحينما يطلب اليه ذلك فقد حمل ما لا طاقة له قد يحدث ان يكون الفن في بعض الاحيان طريقا لاكتشاف حقيقة ما ، ولكن هذا ليس مهمة دائمة يكلف بها ؟!.
ان الذين جعلوا اكتشاف الحقيقة من اعراض الفن ، دفعهم الى ذالك تصورهم الخاطئ عن تحديد مكانة الفن ومهمتة .
- والفن الاسلامي ينبع من داخل النفس ، فتجيش به العواطف والاحاسيس ،فإذا به ملء السمع والبصر ، وهو بهذا تعبير التزام وليس صدى لإلزام قهري او ادبي .
- بينا في (الظاهر الجمالي) ان ساحة الجمال هي الوجود كله ، وان الاسلام أوصل الجمال الى مجالات لم تعرفه من قبل ، ونؤكد هنا ان ساحة الجمال نفسها هي ساحة الفن ، وهي ساحة لا تضيقها الحدود ، ولا تحصرها الحواجز ، ذلك أنها ساحة منهج التصور الاسلامي .
- والفن الاسلامي - بعد ذلك - لقاء كامل بين إبداع الموهبة ونتاج العقرية وبين دقه الصنعة ومهارة التنفيذ وحسن الاخراج .إنه اجتماع بين الذكاء المتقد وبين الخبرة والاتقان ، وبهذا يصل الفن الى ذروة الجمال .. إن أحد العنصرين - الموهبة والخبرة - قد يصل بنا الى إنتاج فني ، ولكنهما معا يصلان بنا الى جمال فني .
تلك هي الاساسية العامة التي يرتكز عليها (الفن الاسلامي) بكل فروعه وهذا لايمنع ان يكون لكل نوع منه أسسه الخاصة به، إضافة الى ذلك.
هذه الاسس هي التي جعلت منه فنا متميزا له شخصيته المستقله وكيانه الذاتي.
Bookmarks